حَاوَلَ البَحْثُ الإِجَابَةَ عَن أَسئِلَةٍ أَسَاسِيَّةٍ: مَا المَقصُودُ بِالسَّلَمِ الحَالِّ؟ وَمَا آرَاءُ الفُقَهَاءِ فِي حُكمِهِ؟ وَمَا أَدِلَّةُ كُلِّ رَأيٍ؟ وَمَا الرَّاجِحُ فِي ذَلِكَ؟ وَمَا عِلَّةُ المَنعِ؟ وَمَا الحَدُّ الأَدنَى لِلأَجَلِ المُشتَرَطِ فِي السَّلَمِ؟ وَاتَّبَعَ البَحْثُ مَنْهَجَاً اسْتِقْرَائِيَّاً تَحْلِيلِيَّاً، بِتَتَبُّعِ آرَاءِ الفُقَهَاءِ وَأَدِلَّتِهِم، مَعَ المُنَاقَشَةِ وَالتَّحْلِيلِ وَالنَّقدِ. وَقُسِّمَ البَحْثُ إِلَى سَبعَةِ مَطَالِبَ تَنَاوَلَت: تَعرِيفَ السَّلَمِ الحَالِّ، وَهُوَ تَعَاقُدٌ عَلَى بَيعِ مَوصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ مُعَجَّلٍ بِبَدَلٍ مُعَجَّلٍ، وَآرَاءَ الفُقَهَاءِ فِي حُكمِهِ، وَأَدِلَّةَ كُلِّ رَأيٍ، مَعَ المُنَاقَشَةِ وَالتَّحلِيلِ وَالمُوَازَنَةِ، وَالحَدَّ الأَدنَى لِلأَجَلِ المُشتَرَطِ فِي السَّلَمِ. وَخَلَصَ البَحْثُ إِلَى نَتَائِجَ، أَهَمُّهَا: تَرجِيحُ رَأيِ جَمَاهِيرِ أَهلِ العِلمِ فِي مَنعِ السَّلَمِ الحَالِّ. وَتَرجِيحُ مَذهَبِ المَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ فِي تَقدِيرِ الأَجَلِ اللَّازِمِ بِأَجَلٍ تَختَلِفُ فِيهِ الأَسعَارُ. وَذَلِكَ: لِلنَّهيِ عَن بَيعِ الإِنسَانِ مَا لَيسَ عِندَهُ، وَلِغَرَرِ عَدَمِ القُدرَةِ عَلَى التَّسلِيمِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَنطَوِي عَلَى فَهمٍ عَمِيقٍ لِنَظرَةِ الإِسلَامِ وَفَلسَفَتِهِ فِي العَائِدِ المشرُوعِ فِي المُعَامَلَاتِ المَالِيَّةِ، أَنَّهُ يَجِبُ أَن يَنتُجَ عَن عَمَلٍ تِجَارِيٍّ حَقِيقِيٍّ يَخضَعُ لِمَخَاطِرِ تَغَيُّرِ الأسعَارِ فِي السُّوقِ. مَعَ استِثنَاءِ حَالَةٍ مِنَ المَنعِ هِيَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ مِمَّنَ شَأنُهُ بَيعُ ذَلِكَ الصِّنفِ، أَو يَغلِبُ وُجُودُهُ عِندَهُ، لِانتِفَاءِ عِلَلِ مَنعِ السَّلَمِ الحَالِّ وَبَيعِ مَا لَيسَ عِندَكَ، وَلِحَاجَةِ النَّاسِ.