تحاولُ هذه الدِّراسةُ طرحَ مجموعة من التّصَوّرات التّأسيسيّة للنّظريّة التداوليّة في السياقِ المعرفيّ (الإدراكيّ)، وذلك انطلاقا من افتراض قاعديّ مفادُه أنّ موضوع النّظريّة التداولية – بما هي علم استعمال اللّغة- إنّما موضوع مفتوح علميّا، بِما أنَّه يَسْتَلْزِمُ التَّعامُلَ مَعَ مُعْطَياتٍ غَيْرِ مُتَجانِسَةٍ: لِسانِيّة، وَإِدراكِيّة، وَمَعْرِفِيَّة، وَعَصَبِيَّة، وَمَنْطِقِيَّة، وَاسْتِدلاليّة، وَثَقافِيَّة، وَاجتماعِيَّة. وذلك ما تَفْرِضُه، بِبَساطَة، طَريقَةُ اشْتِغالِ الذِّهْنِ البَشَرِيّ، حَيْثُ على النظريّة التي تَتَغَيّا البَحْثَ في اشتغالِه، وَدِراسَة سيرورات إنتاجه المَعْنى، أَنْ تَكونَ نَظَرِيَّةً ذاتَ استراتيجيَّةٍ عِلميَّةٍ مَفْتوحَةٍ. وعليه؛ تسعى هذه الدّراسة إِلى تَنْظيمِ التداولية في إِطارِ دِراسَةِ التَّصَوُّراتِ، فَترصد، أولا، الوِحْداتِ المَوْضوعِيَّة للتداولية، ثُمَّ تُجيب عَنْ طَبيعَةِ العَلاقَةِ بَيْنَ الأَخيرَةِ وَعِلْمِ الدِّلالَةِ، لِتحدّد، ثانيا، أَيّ نَظَرِيَّةٍ للتداولية تُناسِبُ البحثَ في إطارِ افْتِراضِ المعنى مشروعًا ذهنِيًّا، وما المبادِئُ التي تَقْتَضيها؟.