تأتي هذه الدّراسةُ لتسلِّطَ الضّوْءَ على قصيدةِ (عنِ اللّاشيء)، من ديوانِ (أثرِ الفراشَةِ) لمحمود درويش، متوسِّلةً ما يُتيحُهُ مبدأُ الانسجامِ مِن أدواتٍ إجرائيَّةٍ، وعناصِرَ، تفعلُ في تأويلِ النّصِّ، وقد وقعَ الاختيارُ على هذه القصيدةِ؛ بُغيةَ إقامةِ تأويلٍ معقولٍ لها، فمِن جهةٍ، لفَّ القصيدةَ غموضٌ يُلبِسُ معانيَها وقصدَها، ومن جهةٍ ثانيةٍ، كان الرّمزُ قوامًا لها، ومِنْ جهة ثالثةٍ، خَلَتْ مِن سياقٍ معلومٍ يُرشدُ المتلقَي إلى تفكيكِ مرموزِها ومبتغاها، فوقفَ الباحثُ على خمسِ آليّاتٍ انسِجامِيَّةِ، وهيَ: التّغريضُ، وَالسِّياقُ وخصائِصهُ، والمعرِفةُ الخلفِيَّةُ، وموضوعُ الخِطابِ، والبِنيةُ الكُلِّيَّةُ؛ في محاوَلةٍ لإقامةٍ انسجامٍ معَ متنِ القصيدَةِ، وكسرِ التّوتُّرِ الّذي يُنتِجُهُ في العمليَّةِ التّواصليَّةِ؛ وذلك من خلالِ تِبيانِ البؤرَةِ المُغرَّضَةِ في القصيدةِ، وإقامَةِ سِياقٍ مِنْ ذاتِها، ومحاولةِ ربطِها بأعمالٍ أُخَرَ للشّاعِرِ، شِعريَّةً ونثرِيَّةً، ومقابلاتٍ مدوَّنَةٍ، ومحاولةِ البحثِ في موضوعِ خطابِها، وبنيتِها الكُلِّيَّةِ.