هناك حاجة ملحة لزيادة الرهان على الجوانب المعرفية التي يمكن من خلالها العمل على إعادة تشكيل وعي الفرد الفلسطيني بقضيته، ويحدث ذلك من خلال الفنون والآداب والسينما التي تلعب أدواراً كثيرة في هذا السياق. في الواقع نحن غير موجودين على الساحة بدون هذه النماذج الثقافية التي تساهم إلى حد كبير في تأطير مفهوم وجود الفلسطيني في أرضه ومقاومته لكل أشكال التطهير والتغيبب والنبذ. كم من عمل سينمائي يُنتَج كل عام عن فلسطين؟ كم من عمل درامي؟ إذا قارناها بعدد الأفلام التي تتناول الهولوكوست والذي يصل سنوياً إلى ما بين تسعة وخمسة عشر فيلماً. هناك إشكالية أُخرى تتمثّل في غياب حاضنة عربية لتقديم وإنتاج الذاكرة الفلسطينية في الروايات والأعمال السينمائية والدرامية، والأمر السيء أنَّ الجيل الذي عاش النكبة لن يظلَّ منه أحدٌ بعد سنوات، وهذا يدعو إلى الإبقاء على ذاكرة هذا الجيل وأرشيفه حياً من خلال إعادة إنتاجه أدبياً وفنياً. بالنظر إلى حالة الإشتباك القائمة في هذا التحوُّل القائم في تاريخ الصراع، فإن السؤال الذي ينبغي أن ينخرط فيه الكُتّاب والمفكرّون والمخرجون والباحثون في شتّى المجالات المعرفية هو ضرورة خلق خارطة ثقافية تعيد توجيه الوعي الثقافي بالمكان والإنسان والذاكرة فكلُّ حقل من هذه الحقول فضاءٌ أساسي في معركة الوجود