يشكل العدوان الثلاثي الأمريكي، البريطاني، الفرنسي الأخير على سوريا حالة مركبة من العلاقات الإقليمية التي تحركها عوامل مرتبطة بشكل ونمط علاقات النظام الدولي الراهن. إن التناقض الظاهر بين طبيعة الضربة العسكرية التي تم توجيهها لسوريا، وبين النتائج الشكلية التي أدت إليها يجد تفسيره في كون الصراع في سوريا هو بمثابة المفصل الذي يمكن من خلاله إعادة ترتيب توازن القوى الدولي بين الخصوم الأساسيين المشتبكين على امتداد ساحات الصراعات المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط. تقوم هذه الدراسة على ادعاء رئيسي يقول بأن العدوان على سوريا يفهم بمستويين تحليليين مترابطين موضوعيا : الأول هو غياب حالة التوازن في النظام الدولي ومعها النظام order الذي يمكن أن يشكل إطار السلوك الدولي المتوقع بين القوى الكبرى. إن هذا الغياب يدفع الأطراف ذات العلاقة بصراعات الشرق الأوسط لاستخدام هذه الصراعات كميدان لإيجاد نقطة التوازن المفقودة كل لصالحه، حتى لو تطلب الأمر المواجهة العسكرية على المستوى الإقليمي وربمتا الدولي. والثاني هو تلك التفاعلات بين القوى الإقليمية والذي يأخذ منحى تصعيدي خطير سيقود بحكم خصائص النظام الدولي، وطبيعة صانعي القرار إلى مواجهة عسكرية إقليمية وشيكة.

تستند الدراسة على مداخل نظرية متعددة تتعلق بالسياسة الدولية ومفاهيم القطبية وتوازن القوى والحرب الباردة مقارنة بطبيعة النظام الدولي الراهن باعتباره يمر بحالة من السيولة. وبهدف الوقوف على المدلولات العميقة للتصعيد في علاقات القوى الدولية والإقليمية الرئيسية اتبعت الدراسة منهجية تحليلية تستند إلى مصادر أولية متنوعة في سياق يتحرك بين الاستقراء والاستنباط. وخلصت الدراسة إلى أن العدوان على سوريا لا يمكن فهمه إلا في إطار الإصرار الأمريكي-الغربي على التصدي لتوسع نفوذ ومصالح روسيا وحلفائها الإقليميين. إن هذا الإطار هو الذي يبرر القول بأن حالة التصعيد الإقليمي المجعومة من واشنطن ستقود خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى حرب إقليمية ربما تتدحرج إلى حرب عالمية.

الكلمات المفتاحية

التصعيد، معضلة الأمن، النظام الدولي الراهن، صناعة القرار، سباق التسلح، الحرب

Title

مجلة المستقبل العربي

Publisher

مركز دراسات الوحدة العربية

Publisher Country

Lebanon

Publication Type

Prtinted only

Volume

476

Year

2018

Pages

--